Language

مصادر الطاقة المتجددة: التطورات التقنية والاقتصادية 3


الطاقة في العالم والطاقة المتجددة
في عام 2005 كان استهلاك العالم من الطاقة حوالي 11500 مليون طن مكافئ نفط  (م.ط.م. ن) منها 9120 م. ط. م. ن من الوقود الأحفوري و630 م. ط. م. ن من الطاقة النووية و640 م .ط. م. ن من الطاقة المائية يضاف إلى ذلك أكثر من 1110 م. ط. م. ن
من الطاقة غير التجارية معظمها من الكتلة الحية
(UNDP– World Energy Assessment 2003)، أنظر جدول رقم (3). إن قاعدة المصادر الضخمة المتوفرة من الوقود الأحفوري والنووي قادرة على تلبية الطلب على الطاقة العالمية لعقود عديدة قادمة.
جدول رقم (3)
استهلاك الطاقة في العالم (2005)
مقدّر – (م.ط.م.ن)
النفط الخام
3840
الغاز الطبيعي
2480
الفحم
2800
الطاقة النووية
630
الطاقة المائية
640
المجموع
10390
الكتلة الحية وغيرها
1110
الإجمالي
11500
استهلاك الطاقة في العالم العربي
400
العالم العربي % للعالم
3.5 %
مجموع الطاقة المتجددة (الكتلة الحية والطاقة المائية... الخ) هي 1750 م.ط.م.ن وتشكل 15.2% من مصادر الطاقة الأولية.
المصادر: BP Statistical Review (June 2005)
 World Energy Outlook (2004)             
   World Energy Assessment – UNDP (2002)             


بصورة تقريبية وعامة فان استهلاك الطاقة الأولية في بداية القرن الحالي توزعت كما في الجدول (4) الذي يبين أن الطاقة الأحفورية شكلت حوالي 80% من مصادر الطاقة العالمية.
جدول (4)
مساهمة مصادر الطاقة في تلبية الطلب العالمي (في مطلع القرن الحالي)
مصدر الطاقة
نسبة المساهمة
النفط
32.9 %
الفحم
24.3 %
الغاز
21.1 %
النووية
5.4 %
المائية
5.5 %
الجوفية
0.4 %
الكتلة الحية
10.4 %
المصدر: UNDP – World Energy Assessment (2003) .
إمكانيات المصادر والعرض العالمي للطاقة ودور الطاقة المتجددة – الملخص
لا يتوقع أن يكون هناك نقص في مصادر الطاقة في العالم خلال النصف الأول من القرن الحالي. إن الاحتياطيات المؤكدة من الوقود التجاري الأحفوري (النفط والغاز والفحم) تكفي احتياجات العالم لعقود عديدة قادمة، وعندما تستنفد الاحتياطيات المؤكدة للنفط فإنه يمكن اللجوء إلى الإمكانيات الهائلة من قاعدة المصادر غير التقليدية للنفط والغاز    non-conventional oil and gas   وخاصة بعد تطوير أساليب إنتاجها وتوليد الكهرباء مباشرة منها. كذلك فإن احتياطيات الفحم كبيرة جدا وتتجاوز قاعدة المصادر ضعف ما هو معروف من النفط والغاز التقليدي وغير التقليدي. ستسمح التكنولوجيات النظيفة للفحم باستخراج وإنتاج أفضل من هذه المصادر الكبيرة وخاصة لإنتاج الكهرباء، لكن أيضا عن طريق تحويلها إلى نفط وغاز مما يخفف من الغازات الضارة المنبعثة من الفحم عادة.
كذلك فإن قاعدة المصادر لليورانيوم كبيرة جدا، ولكن لا يتوقع أن يتزايد الطلب عليها خلال السنوات القليلة القادمة. إن كميات اليورانيوم المعروفة حاليا تكفي احتياجات العالم حتى نهاية القرن الحالي. كما أن قاعدة المصادر للطاقة المتجددة جيدة، إذ إن قسما محدودا من إمكانيات الطاقة المائية فقط قد تم استغلالها وبالتالي فإنه مع تزايد الطلب على الكهرباء سيستمر بناء محطات توليد الكهرباء المائية وستساعد تحسن تكنولوجيات الفولطية العالية على نقل الكهرباء من محطات التوليد المائية النائية إلى مسافات بعيدة. ويوجد للكتلة الحية إمكانيات استخدام جيدة في المستقبل ليس فقط بالحرق المباشر كوقود تقليدي وإنما بأساليب أكثر تطورا عن طريق التفاعل الكيميائي والبيولوجي. ومع مرور الوقت، فإنه يتوقع أن تتزايد بصورة بطيئة مساهمة مصادر الطاقة الجديدة المتجددة وخاصة طاقة الرياح التي تمر حاليا بتطوير مستمر لتكنولوجياتها وذلك لقيمتها البيئية، إلا أنها لن تشكل مصدرا رئيسيا للطاقة حتى عام 2030 على أفضل تقدير. 

باختصار فإن مصادر تزويد الطاقة المعروفة حاليا توفر إمكانيات جيدة لتوفير الطاقة لعالمنا خلال القرن الحادي والعشرين. وتتجاوز احتياطيات الوقود الأحفوري المؤكدة حاليا 1300 الف م. ط. م. ن  كما تتجاوز قاعدة المصادر 5000 الف م. ط. م. ن resource base (جدول 6) وهي كميات تكفي العالم لنهاية القرن الحالي حتى باستعمال أسلوب التنبؤات المتفائلة لنمو الطلب العالمي. إن هذا لا يعني أنه قد يكون هناك بعض الاضطراب أو النقص المؤقت في التزويد إقليميا وعالميا، ولكن ذلك لن يكون نتيجة لنقص المصادر.
مستقبل الطاقة المتجددة
إن مستقبل الطاقة المتجددة، للعقود القليلة القادمة على الأقل، لن يكون مشرقاً نتيجة توافر الطاقة الأحفورية بكميات كبيرة تكفي العالم لعقود عديدة قادمة (وربما حتى نهاية القرن) والإشكاليات الكبيرة التي ترافق تطوير الطاقة المتجددة والمبينة أدناه. نتيجة لذلك كله فإن التوقعات العالمية لمستقبل الطاقة المتجددة هي كالتالي:
جدول (5)
توقعات استهلاك الطاقة المتجددة عالمياً

2002
2030
م. ط. م. ن
النسبة للطاقة الكلية
م. ط. م. ن
النسبة للطاقة الكلية
الكتلة الحية
1119
11 %
1605
10 %
الطاقة المائية
224
2 %
365
2 %
الطاقة المتجددة (الجديدة)
55
1 %
256
2 %
المجموع
1398
14 %
2226
14 %
المصدر: WEO 2004
من هذه الأرقام يتضح بأن الطاقة الجديدة والمتجددة لن تزيد مساهمتها في مصادر واستعمالات الطاقة خلال العقود الثلاث القادمة وأنها بالكاد ستتمكن من المحافظة على مساهمتها الحالية والتي تبلغ حالياً حوالي 14- 16% من مصادر واستعمالات الطاقة العالمية.
إن الوضع في العالم العربي لن يختلف كثيراً إذ أن هناك تحول مستمر من الطاقة التقليدية في الريف العربي إلى استعمال مصادر الطاقة التجارية LPG  لغايات الطبخ والتدفئة، كذلك فإن الاستعمالات الأخرى مثل الطاقة المائية فإن معظم إمكانياتها قد استنفذ وبالتالي فإنه لا يتوقع أن تزيد مساهمة الطاقة المتجددة في استعمالات الطاقة العربية عن مساهمتها الحالية. وبالتالي فإن التوقعات هي أن مساهمة الطاقة المتجددة في تزويد الطاقة في العالم العربي، وهي مساهمة متواضعة حالياً، ستزداد تواضعاً في المستقبل.
إشكاليات الطاقة المتجددة
إن أهم إشكاليات الطاقة المتجددة المتمثلة أساساً بالطاقة الشمسية (ومنها طاقة الرياح) أنها متقطعة وغير مستمرة intermittent وبالتالي فهي تحتاج إلى تخزين storage مما يجعلها مكلفة وهي أيضاً منتشرة ومبعثرة disbursed وبالتالي فإن تجميعها مكلف وهي غير كفؤة. كما أنها تصلح فقط لإنتاج الكهرباء (وأيضاً التسخين في بعض الحالات) وبالتالي فإن من الصعب المتاجرة بها. إن كل هذا يجعلها طاقة غير كفؤة عند مقارنتها بالطاقة الأحفورية (النفط والغاز والفحم) والتي هي مصادر مركزة للطاقة وكفؤة وصالحة لمختلف وجوه استعمالات الطاقة (النقل، الحرق المباشر، التسخين، توليد الكهرباء... الخ) وأيضاً هي طاقة قابلة للتجارة الدولية وعبر البحار. كما أن مصادر الطاقة الأحفورية وافرة للغاية (جدول 6). إن توفر هذه الكميات الكبيرة وخاصة المصادر من النفط الخام والتي يمكن استخراجها (جدول 7) تحد جداً من إمكانيات الطاقة المتجددة وتحول بين هذه الطاقة وأخذ حجم أكبر في المستقبل المنظور. إذ أن مصادر الطاقة الأحفورية وخاصة النفط الخام (التقليدية وغير التقليدية) تكفي الاحتياجات العالمية حتى نهاية القرن الحادي والعشرين على الأقل. وبالتالي فإن الاتجاه نحو الطاقة المتجددة سيظل محدوداً جداً في المستقبل المنظور. كما أن التحضر حد من إمكانيات استعمال الكتلة الحية إذ أن مزيداً من الناس المحرومون أصلاً من مصادر الطاقة التجارية أخذوا نتيجة للتحضر في الانتقال للمدينة وانتشر استعمال الوقود التجاري الحديث نسبياً مثل LPG لغايات (الطبخ والتدفئة) وهي استعمالات كانت مقتصرة على الكتلة الحية في الماضي. إلا أن التركيز الأوروبي على الطاقة المتجددة للوفاء باتفاقيات السوق الأوروبية واتفاقية كيوتو ساعد على إيجاد استعمالات جديدة للكتلة الحية لغايات إنتاج الطاقة المتجددة.
جدول رقم (6)
قاعدة المصادر للطاقة الأحفورية في العالم (ألف م.ط.م.ن)
مصدر الطاقة
تقديرات مجلس الطاقة العالمي
تقديرات مركز تحليل النظم IIASA
الاستهلاك العالمي 2003
الاحتياطيات المؤكدة
كميات ممكن استخراجها
الاحتياطيات
المصادر
قاعدة المصادر
النفط التقليدي
150
200
150
145
295
3,56
النفط غير التقليدي
-
550
195
330
525
-
الغاز التقليدي
133
220
141
279
420
3,32
الغاز غير التقليدي
-
-
192
258
450
-
الفحم
430
3400
606
2794
3400
2,40
اليورانيوم
3.4
بليون طن
17
بليون طن
57
203
260
70
الف طن
المصدر: IIASA (1998), WEC (1998) WEA (2002),

جدول رقم (7)
المصادر من النفط التي يمكن استخراجها
Oil Ultimately Recoverable Resources
التصورات
المصادر (بليون برميل)
المصادر (ألف م.ط.م.ن)
المنخفضة
2250
300
المتوسطة
3000
400
العالية
3900
530
المصدر: USGS – World Petroleum Assessment (2000)

كما أن الكتلة الحية تحتاج إلى كميات كبيرة نسبياً من الوقود التجاري الأحفوري لغايات جمعها ونقلها مما يخفض جداً من إمكانياتها وكفاءتها كمصدر رخيص للطاقة ويحد من اقتصادياتها وهو أمر يجب أن يؤخذ بالاعتبار عند تقييم الطاقة المتجددة، إذ أن استهلاك الطاقة الأحفورية اللازمة لإنتاج ونقل واستعمال الطاقة المتجددة (وخاصة الكتلة الحية) قد تفوق الفوائد البيئية والاقتصادية من الطاقة المتجددة، وهذا أمر يغفل عنه في كثير من الحالات.
بعد عام 1973 وفي الفترات الأخيرة فقد كان هناك اهتمام متزايد بإنتاج الكحول والتخمير وإنتاج الاثينول ethanol كبديل (أو خليط مع النفط). إن هذا البديل ينتج عادة تخمير قصب السكر أو بعض المنتجات الزراعية وخاصة الذرة أو تخمير الكحول. إن هذا يشكل مصدراً جديراً بالاهتمام وإن كان محدوداً. وينطبق نفس الأمر على الطاقة من الهيدروجين وخلية الوقود كما هو موضح بالبنود التالية.
إن إنتاج الاثينول من المنتجات الزراعية وخلطه بالبنزين (أو استعماله كبديل للبنزين) أخذ في الازدياد في بعض الدول حيث يتواجد أساساً في البرازيل ولكن بعض الدول الأوروبية تتوجه حالياً (بواسطة التشريعات في السوق الأوروبية المشتركة) على أن يشكل الاثينول 10% من وقود السيارات. إن هذا ممكن التحقيق إلا أنه من الصعب أن يتوسع إنتاج الاثينول أكثر من ذلك لمحدودية الأراضي القابلة للزراعة واحتياجات المياه وللكلف الكبيرة وأيضاً لأنه يحتاج إلى استهلاك كبير للطاقة التقليدية لإنتاجه ونقله.
الطاقة من الهيدروجين
هناك اهتمام متزايد بإنتاج الطاقة عن طريق الهيدروجين وخاصة بواسطة خلية الوقود   Fuel Cell  لغاية استخدامها في وسائل النقل. إن خلية الوقود تحول الهيدروجين إلى كهرباء ولا تنتج أي تلوث وبالتالي فإنها تبدو مثالية لغايات الطاقة التي تستخدم للنقل. إلا أن الأمر في الحقيقة ليس بهذه البساطة. وهناك خلط بين طاقة الهيدروجين وخلية الوقود من ناحية وبين الطاقة المتجددة من ناحية أخرى وهذا الخلط يؤدي إلى اعتقاد سائد بأن الهيدروجين وخلية الوقود هي أحد أشكال الطاقة المتجددة، وهو أمر غير صحيح.
إن الحصول على الهيدروجين ليس سهلاً وهو مكلف أيضاً. إن المصدر الرئيس للهيدروجين هو الغاز الطبيعي (أي الوقود الأحفوري)، وسيؤدي الغاز الطبيعي إلى انبعاثات عند استخدامه لإنتاج الهيدروجين، كما أن الغاز مكلف وليس من الاقتصاد تحويله إلى هيدروجين في هذه المرحلة. وقد يكون من الأفضل استخدام الفحم لهذه الغاية ولكن الأمر في حاجة إلى سنوات عديدة من التطوير والاستثمار.
يؤمل في المستقبل استخدام الطاقة المتجددة (خاصة طاقة الرياح والطاقة الشمسية) لإنتاج الهيدروجين وذلك بأن تقوم الطاقة المتجددة بإنتاج الكهرباء واستخدام التيار الكهربائي لغاية فصل الماء إلى مكوناته الهيدروجين والأوكسجين عن طريق محلل كهربائي electrolyzer والذي هو خلية معكوسة ولكن هذا الأسلوب أيضاً مكلف للغاية وكفاءته منخفضة، ويحتاج إلى جهد وسنوات عديدة لتنفيذه، إلا أنه يظل أحد الأساليب القليلة المجدية في المستقبل لاستعمال الطاقة المتجددة.
إنه من الممكن استخدام الشبكة الكهربائية لغايات عمل المحلل الكهربائي، إلا أن هذا يعني حالياً استخدام الوقود الأحفوري (وخاصة الفحم) لإنتاج الهيدروجين. ومن الضروري أن نلاحظ بأن السيارة العادية التي تستخدم الكيروسين تنتج انبعاثات حوالي 200-220 جرام من ثاني أكسيد الكربون لكل كيلومتر تقطعه. إذا استخدمت هذه السيارة الهيدروجين بواسطة خلية الوقود فإن الانبعاثات ستكون صفرا، لكن الحصول على الهيدروجين نفسه (في حالة استعمال الشبكة الكهربائية لإنتاجه) يتسبب في انبعاثات تصل على 280 جرام من ثاني أكسيد الكربون لكل كيلومتر تقطعه.
إن هذا كله يوضح أنه لا تزال هناك هوة واسعة فنية واقتصادية بين الواقع والآمال المتعلقة بطاقة الهيدروجين وخلية الوقود. والتي لا تزال في مراحلها الأولى واقتصادياتها محدودة جداً وتحدياتها التكنولوجية الكبيرة وبالتالي فإن إمكانياتها المستقبلية وقدرتها على استبدال الطاقة الأحفورية لا تزال غير متوفرة في المستقبل المنظور على الأقل.
إنه وفي ظل توافر كميات كبيرة ورخيصة نسبياً من النفط والغاز في المنطقة العربية فإن إمكانيات الطاقة البديلة والمتجددة وأيضاً الطاقة النووية كمصادر للطاقة في العالم العربي ستظل محدودة للغاية في المستقبل المتوسط والبعيد وحتى عام 2030 على الأقل.
أساليب نشر وتشجيع الطاقة المتجددة
تحاول عديد من الدول وخاصة الدول الأعضاء في السوق الأوروبية تشجيع الطاقة البديلة وخاصة الطاقة المتجددة بأساليب متعددة والدافع إلى ذلك عادة عدة أهداف منها:
·       أمن الطاقة.
·       الدافع البيئي لتخفيض انبعاثات غازات البيئة الدفيئة وخاصة غاز ثاني أكسيد الكربون.
·       تنويع مصادر الطاقة.
لغايات ذلك فإن بعض الدول أخذت تلجأ إلى أساليب ضريبية وتسعيرية لغايات تشجيع ونشر الطاقة المتجددة كما هو موضح أدناه. إن هذه الأساليب والدوافع هي التي تبقي الطاقة المتجددة كمركز للاهتمام في عديد من الدول.


الصفحة السابقة
الصفحة التالية