استهلك حوالي 1110- 1250 م.ط.م.ن سنويا من الكتلة الحية في نهاية القرن العشرين، ثلثي ذلك من وقود الخشب والباقي من مخلفات الحيوانات والزراعة. إن معظم هذا الإنتاج مستدام ومستمر، إلا أن هناك مجالاً واسعاً لتحسين كفاءة الاستعمال والتي هي حاليا منخفضة للغاية.[1]
لا يتوقع أن تتزايد مساهمة الكتلة الحية في تزويد الطاقة العالمية، إلا أنه ستبقى تستعمل كمصدر رئيسي للطاقة في الدول النامية المنخفضة الدخل. إلا أنه مع تزايد الطلب على الطاقة في هذه الدول فإنه يتوقع أن يحدث أيضا تحول تدريجي من الكتلة الحية إلى الطاقة التجارية في عديد من الدول النامية ذات الدخل المحدود.
أن تكنولوجيات الكتلة الحية واستعمالاتها تتطور حاليا بسرعة. فبجانب الحرق المباشر فإن أساليب تحويل المخلفات الحضرية إلى غاز الميثان والتخمير وغيرها من التكنولوجيات تساهم جميعها في تمكين استخدام الكتلة الحية كمصدر مستدام للطاقة. كذلك فإن إمكانيات طاقة الرياح واستعمالاتها تتزايد بسرعة.
إن طاقة الرياح ودورها في توليد الكهرباء عالمياً يتزايد سنوياً بمعدل 13% إلا أنه نظراً لأن حجم هذا التوليد حالياً متواضع ولا يتجاوز حوالي 65 تيراوات ساعة عام 2005، فإن مساهمة طاقة الرياح في توليد الكهرباء ستظل محدودة في المستقبل ويتوقع أن تصل هذه المساهمة إلى 930 تيراوات ساعة عام 2030 أي حوالي 3% من إنتاج الكهرباء عندئذٍ. وتبلغ الاستثمارات السنوية حالياً في توسيع طاقة الرياح حوالي 7 بليون دولار سنوياً، ومعظم هذه الاستثمارات ستتم في ألمانيا حيث تبلغ قدرة المحطات الحالية حوالي 17 ألف ميجاوات وهي تشكل حوالي 4% من قدرة التوليد الكهربائي في ألمانيا. والاتجاه حالياً هو لوضع محطات التوليد من الرياح في المياه خارج الشاطئ off-Shore وذلك لسرعة الرياح العالية هناك ولتجنب التلوث الصوتي ومناظر المراوح. إلا أن الكلف المتأتية على ذلك مرتفعة وتؤثر سلباً على اقتصاديات طاقة الرياح كما هو موضح في القسم التالي.
السياسات والتقدم في مجال الطاقة المتجددة
أن الاهتمام بأمور الطاقة المتجددة بدأ فعلياً وبصورة جدية على أثر تصحيح أسعار النفط في نهاية عام 2003. ولقد كان الاهتمام حتى أواخر الثمانينات على أمور البحث والتطوير وخاصة في الولايات المتحدة، إلا أن الاهتمام الأمريكي تراجع ومنذ التسعينات فإن الدول الأوروبية بدأت تركز على تنفيذ التكنولوجيات أكثر من تركيزها على الأبحاث. إلا أن إنتاج الدول الصناعية OECD من الطاقة المتجددة (كهرباء، حرارة، ...الخ) هو حوالي TWH 2500 (أي حوالي 6% من الطاقة الكلية) أكثر من نصفها من الطاقة المائية. مع ذلك فإن التقدم في دول الاتحاد الأوروبي كان واضحاً حيث حددت هذه الدول أهدافاً لها، أهمها أن الطاقة المتجددة يجب أن تشكل حوالي 22% من استهلاك الكهرباء وأن الوقود الحيوي bio fuel يجب أن يشكل 5.75% من وقود السيارات عام 2010. إن هذه أهداف طموحة وقد اتضح الآن صعوبة تحقيقها.
أن الأساليب الأوروبية لتحقيق هذه الأهداف تتمثل في أسلوبين "نظام الكوتا" و "نظام الدعم". ولقد طبقت كل من بريطانيا وبولندا وبلجيكا نظام الكوتا الذي يلزم مؤسسات الكهرباء على أن يكون هناك جزء معين من مبيعاتها للجمهور من مصادر الطاقة المتجددة. بينما طبقت ألمانيا وغيرها نظام الدعم للأسعار مما يغري في الاستثمار فيها، والطاقة المتجددة حالياً في ألمانيا تشغل حوالي 150 ألف عامل، إلا أن نجاحها مرهون بالدعم أكثر من النجاعة الاقتصادية. وعلى الرغم من كل الجهد الأوروبي فإن الأهداف الموجودة لن تتحقق ولا يتوقع أن تبلغ مساهمة الطاقة المتجددة في الطاقة أكثر من 8% عام 2010 على الرغم من كل هذا التركيز (بينما الهدف هو 12%).
كلف الاستثمار وكلف الإنتاج للطاقة المتجددة
إن كلف الاستثمار في مجال إنتاج الطاقة المتجددة (وجميعها تنتج على شكل كهرباء) تختلف من تكنولوجيا إلى أخرى وهي أقل مما هي عليه في حالة طاقة الرياح (حوالي 1000$ لكل كيلووات) وأعلى ما يمكن في حالة الخلية الضوئية الشمسية PV Solar حيث تصل حالياً إلى أكثر من حوالي 5000$ لكل كيلووات. إن هذه كلف مرتفعة جداً عند مقارنتها مع الكلف الاقتصادية للاستثمار في أساليب توليد الكهرباء بالطرق التقليدية وهي التوربينات الغازية ذات الدورة المفردة (حوالي 350$ لكل كيلووات) أو الدورة المزدوجة ذات الكفاءة العالية (وهي حوالي 550$ لكل كيلووات) كما أن تكاليف محطات الفحم التقليدية لا تتجاوز حالياً حوالي 1200$ لكل كيلووات بعد إضافة جميع المعدات والاحتياجات البيئية.
بطبيعة الحال فإن كلف التشغيل في حالة الطاقة المتجددة هي زهيدة للغاية لعدم وجود تكلفة للوقود إلا أنه وحتى بعد إدخال هذه الاعتبارات في الكلف للإنتاج فإن الطاقة المتجددة لا تزال مكلفة عند مقارنة كلفتها لإنتاج الكهرباء مع الأساليب التقليدية، وإن كان هناك صعوبة في المقارنات المباشرة للطبيعة المتقطعة في إنتاج الكهرباء من الطاقة المتجددة. إن كلف إنتاج الكهرباء من طاقة الرياح (وهي أقل الكلف للطاقة المتجددة تتراوح من 4-5 سنتات للكيلووات ساعة، بينما هي لا تتجاوز حوالي 3 سنتات في حالة الإنتاج من التوربينات الغازية ذات الدورة المفردة أو 2 سنت في حالة الدورة المزدوجة {ثمن الغاز حوالي 5$ لكل مليون BTU}). وتصل الكلف للكيلووات الساعي إلى مستويات عالية جداً حوالي 30 سنت في حالة استخدام الخلية الضوئية، وبالتالي فإن استعمال مثل هذا النوع من التكنولوجيا يقتصر على الاستعمالات الصغيرة.
إن هذه الاستعمالات الصغيرة ذات أهمية كبيرة في تزويد الكهرباء للمناطق الريفية والمعزولة والمناطق الفقيرة في إفريقيا وجنوب آسيا. حيث يمكن استعمال تكنولوجيا الخلية الضوئية PV لإنتاج الكهرباء للأكواخ والمناطق الريفية في هذه الدول الفقيرة نسبياً. إن خلية ضوئية ذات قدرة حوالي 50 وات يمكنها أن تزود كوخاً أو منزلاً ريفياً صغيراً بالكهرباء لتلبية الحاجات الأساسية وأهمها الإنارة (وأيضاً تلفزيون صغير أو ثلاجة صغيرة في بعض الحالات). وبالتالي فإن هذا الاستعمال للطاقة المتجددة ولو أنه غير عملي أو اقتصادي لتزويدات الكهرباء الكبيرة، إلا أنه قد يكون الأسلوب الأفضل والأمثل لتزويد الكهرباء في المناطق الريفية والصغيرة في الدول ذات الدخل المنخفض جداً، وبالتالي فإنه يشكل دوراً هاماً للطاقة المتجددة في حالات خاصة.
إن الشكلين التاليين يوضحان كلف الاستثمار وكلف الإنتاج من الطاقة المتجددة بمختلف التكنولوجيات كما هي حالياً وكما يتوقع أن تكون عليه عام 2030. ويتضح من هذين الشكلين الانخفاض الكبير في الكلف المتوقع خلال الخمسة وعشرون عاماً القادمة، إلا أنه ومع كل هذا التقدم فإن الطاقة المتجددة ستظل تعاني من كلفتها المرتفعة وطبيعتها المتقطعة مما سيحد من مساهمتها في مصادر الطاقة حتى على المستقبل المتوسط والبعيد.
شكل (1)
كلف الاستثمار في تكنولوجيات الطاقة المتجددة (2002 و2030)
Capital Costs of Renewable Energy Technologies, 2002 and 2030
شكل (2)
نطاق كلف الإنتاج من مصادر الطاقة المتجددة (2002 و2030)
Electricity-Generating Costs of Renewable Energy Technologies, 2002 and 2030