Language

فرص استثمارية جديدة في: تقنية الطاقة المتجددة وترشيد الكهرباء


المملكة العربية السعودية
جامعة الملك سعود
                              كلية العلوم




فرص استثمارية جديدة في:



تقنية الطاقة المتجددة وترشيد الكهرباء





د.أسامة  بن  أحمد إبراهيم  العاني

 
مجموعة بحوث الطاقة المتجددة والبيئة، قسم الفيزياء والفلك
البريد الإلكتروني :   uaelani@ksu.edu.sa
هاتف: 4676375 (مكتب) ، 0504195217

ربيع الأول  1428 هـ                                                     آذار(مارس) 2007م








P











فرص استثمارية جديدة في: تقنية الطاقة المتجددة وترشيد الكهرباء


د . أسامة بن أحمد إبراهيم العاني

مجموعة بحوث الطاقة المتجددة والبيئة، قسم الفيزياء والفلك، كلية العلوم، جامعة الملك سعود
ص . ب 2455 ، الرياض 11451 ، المملكة العربية السعودية
البريد الإلكترونيuaelani@ksu.edu.sa :

1-          المقدمة :
تؤكدُ الخططُ التشغيلية التنموية في المملكة العربية السعودية على أهميةِ تطويرِ موارد الاقتصاد الوطني وذلك من خلالِ كافة اتجاهاته ومحاوره الزراعية والصناعية والبشرية. ولما كان للموارد الطبيعية أهميةٌ بالغة فإنّ الطاقة تعتبر أحد القطاعات الحيوية الهامة في الدولة لأنها تمثل الشريان الرئيس في معظم العمليات التنموية. كما تُعتبر الطاقة التقليدية وخاصةً النفط المصدر الأول لتوفير الطاقة التي تعتمد عليها مختلف دول العالم المتقدمة والنامية. لذا ومن أجل المحافظة على الاستمرارية في التنمية التي تشهدها بلادنا، فكان لابدّ من التفتيش عن أفكارٍ بحثية واستثمارية جديدة يُتوقع لها أن تدخل السوق المحلية والإقليمية من بابٍ واسع. وعلى هذا الأساس فإنّ موضوع الطاقة المتجددة وعلاقته مع ترشيد الكهرباء يُعتبر من القضايا الساخنة التي قد تأخذ مسمىً أو منحىً جديداً في العقد القادم. والسبب الرئيس في ذلك يعودُ إلى أنّ معظم أساليب المحافظة على الطاقة وثروتها الاحتياطية ستساعد على توفيرِ كميات هائلة من الوقود الأحفوري  لأغراضٍ صناعية مختلفة،مما يُتوقع له أن ينعكسَ إيجابياً على الأسعار الحالية للنفط إن شاء الله .
هذا ويُقصد بالطاقة المتجددة عامة بأنها مصادر طاقة متوفرة في الطبيعة وغير قابلة للنضوب لم تستغل بعد ومن أهمها الطاقة الشمسية والرياح وحرارة جوف الأرض والكتلة الحيوية والهيدروجين.
        يتناولُ هذا المقال أهمية ربط البحث العلمي مع الإنتاج الصناعي ( الحكومي أو الأهلي ) من خلال قنواتٍ استثمارية جديدة، وسوف يتمّ التركيز على صناعة الطاقة المتجددة ووسائل ترشيد الكهرباء وما يُتوقع لها من بوادر إيجابية في المستقبل، وكذلك ما ستفرزه من أفكار جديدة في التوظيف والإنتاج والاقتصاد. فعلى سبيل المثال تعتبر شركة البترول البريطانية نموذجاً ناجحاَ لبلد نفطي، فقد افتتحت نشاطاً بحثياً واستثمارياً للطاقة الكهروضوئية منذ أكثر من عشرين سنة، فبلغَ حجم مبيعاتها مليارات الدولارات حتى الآن. كما قامت هذه الشركة أيضاً بافتتاح فروع كبيرة لها في كل من استراليا والهند، إضافةً إلى نشاطاتٍ تسويقيةٍ واستثماريةٍ ممّا أدّى إلى قيام هذه البلدان إلى تبنّي صناعات ٍمحلية واستراتيجية فيها بدءاً من المادة الخام ووصولاً إلى التقنية المعتمدة. وعلى الصعيد المحلي فإنه يمكن للجامعات السعودية ومراكز البحوث الوطنية في العلوم والتقنية أن تصبح صروحاً علمية حضارية في مجال البحث العلمي ومن بينها بحوث الطاقة المتجددة إن شاء الله.

2-          أهمية البحث العلمي الأكاديمي والتفوق الاقتصادي:
        بيّنت دراسةٌ حديثة في مجلة العلوم الأمريكية حول موضوع خصخصة البحث العلمي بأنّ دعم بحوث التطوير في العلوم والتقنية داخل الولايات المتحدة بدأ يتراجعُ نسبياً بالمقارنة مع أجواء الحرب العالمية الثانية ونهاية الحرب الباردة مع المعسكر الشرقي (سـابقاً). فعلى سبيل المثال انخفض الدعم المالي الحكومي المخصص للبحث العلمي في أمريكا بنسبة 7% منذ عام 1988 م وحتى الآن، وعلى العكس فقد بدأَ القطاع الخاص يدخلُ مجال البحث العلمي عن طريق زيادة تمويله ومتابعته المستمرة للوصول إلى إنتاجٍ نوعي متطور. أمّا البحوث العلمية المتعلقة بالتقنية العسكرية بما فيها البحوث الأساس في الرياضيات والفيزياء فما يزالُ الدعم الحكومي مستمراً حيث تُصب كافة الجهود من أجل رفع الإنتاجية وتحقيق التفوق العلمي والاقتصادي المنشود. 
تُشير الإحصاءات الأخيرة المتعلقة بدراسةِ المقارنة الاقتصادية بين الولايات المتحدة واليابان أنّ ترابطَ المناخ العلمي والتقني في القطاعين الحكومي والخاص معاً قد ساعد على تفوق اليابان اقتصادياً في بعض خطوط الإنتاج الصناعي. ويُقصد بالمناخ العلمي والتقني المترابط هو توفّر كافة الوسائل والعناصر الإدارية والمستلزمات الصناعية المرتبطة بالبحوث التطبيقية والأساسية، والمشاريع التي تنفّذ لأول مرة وعمر تشغيل المعدات وقطع الغيار المختلفة، والربط السريع مع الصناعة بما يخدم التنمية والمجتمع معاً.
3-          مقترحات منظمة اليونسكو في صناعة الطاقة المتجددة:
اعتمدت منظمة اليونسكو مؤخراً بعض الإرشادات والتعليمات التي يمكن أنْ تساهمَ في خلق جو استثماري في صناعة الطاقة المتجددة. وقد بدأت دول عدة بالاهتمام في هذه الصناعة الجديدة، وبدأت تفكر جدياً في الدخول إلى هذا القطاع الحيوي المرتقب (كإنشاءِ وزارة للطاقة المتجددة في الهند مثلاً ). أما أهمّ المقترحات والنصائح في هذا المجال فيمكن إيجازها بما يلي:
1-             خفض الرسوم الجمركية على كافة المواد والمعدات الداخلة في عمليات التصنيع.
2-             إعفاء المستثمرين المحليين من كافة الضرائب المترتبة، وهذا مرتبط بمرونة النظام الاقتصادي المحلي.
3-     مساهمة المصارف المحلية في تقديم القروض اللازمة، وأن تكون فترة استرجاع الأموال مريحة تتراوح بين 5 إلى 10 سنوات وذلك حسب حجم المشروع المركب.
4-             أن تكون نسبة الأرباح الأولية منخفضة نسبياً وذلك لتحريك سوق الطاقة المتجددة.
5-     أن تقدم الجهات المختصة ( كالكهرباء والمياه …) دعماَ خاصاً للمستثمرين الجدد وذلك لخفض أسعار الصناعة المحلية لمنتجات الطاقة المتجددة.
6-             اعتماد المواصفات القياسية من أجل التسويق وتصدير الإنتاج.

4-          أسس الاستثمار في الطاقة المتجددة وترشيد الكهرباء:
إنّ اختيار التقنية الملائمة بهدف الاستثمار يجب أن يصاحبه أولاَ توفر المواد الخام بكميات كبيرة في البلاد، ولذا فإن الأسس الناجحة لعمليات الاستثمار في الطاقة المتجددة تعتمد على الآتي:
أ‌-      اختيار التقنيات والصناعات التي تتميز عن غيرها بوجود فرص كبيرة لنجاحها خصوصاً لجهة توفر طلب محلي متزايد على منتجاتها بالمقارنة مع حجم المستورد منها. وهذا سوف يساعد على تحقيق فرص أكبر لنجاح الاستثمار في هذا المجال.
ب‌-           الحرص على انتقاء المشاريع التي تنتج سلعاً منخفضة التكاليف وقادرة في نفس الوقت على المنافسة.
ت‌-           الابتعاد قدر المستطاع عن الصناعات التي تتطلب تقنيات إنتاجية معقدة وخطرة على البيئة.
ث‌-           التركيز على المشاريع التي تتمتع بخصائص التكامل مع غيرها من الصناعات القائمة.
ج‌-            توفير الإمكانيات الجيدة لتصريف الإنتاج في السوق المحلية والإقليمية والعالمية.

5-          شروط الاستثمار في الطاقة المتجددة وترشيد الكهرباء:
إنّ الشروط التي يجب توفرها لإنجاح الفرص الاستثمارية تتلخّص بالآتي:
1-             القناعة الأولى للمستثمر بالربح المحدد المتناسب مع الواقع الحالي والمتغيرات الممكنة في السوق المحلية والخارجية.
2-     ضرورة توفير القابلية لدى المستثمر على التطوير المستمر للبرامج التسويقية والترويجية الهادفة إلى جذب المستهلكين نحو تفضيل منتجات المشروع الذي هو تحت الاستثمار.
3-     ضرورة الحرص على أن تكون دراسات الجدوى المتوقع إجراؤها على أي فرصة استثمارية محل الاهتمام على مستوى وثيق وعالي الجودة والواقعية بالمقارنة مع السوق المحلية والخارجية.

5- الآلية الاستثمارية المقترحة لمشاريع الطاقة المتجددة وترشيد الكهرباء:
واستناداً إلى ما سبق فإنه يمكن استعراض الفرص الاستثمارية الممكنة في الطاقة المتجددة وترشيد الكهرباء وفقاً للترتيب الآتي:
1-             تجميع أو تصنيع نظم الطاقة الشمسية لأغراض تسخين المياه ومياه المسابح.
2-              تجميع أو تصنيع الطباخات الشمسية في المناطق النائية.
3-             استخدامات عملية ومتنقلة لنظم الطاقة المتجددة في مواسم الحج والعمرة.
4-     تجميع أو تصنيع نظم الإنارة الكهروضوئية ( إنارة الشوارع، معدات تحذيرية وإرشادية ولوحات إعلانية، مصابيح ضوئية، فوانيس …) لتطبيقات المناطق النائية والمرافق السياحية ورحلات البر وغيرها.
5-      تجميع نظم الطاقة المتجددة لتوفير التغذية الكهربائية لأحمال كهربائية محددة مقارنة مع مولدات الديزل المعروفة.
6-             تجميع وتصنيع مكيفات كهر وضوئية صغيرة تلائم السيارات وغرف الحراسة الأمنية والمرورية.
7-      تجميع عناصر ومكونات التحكم الخاصة بالأجهزة الكهربائية بهدف تحسين كفاءتها من حيث توفيرها للطاقة.
8-     تجميع أو تصنيع وسائل الإيضاح التعليمية وألعاب الأطفال الخاصة بمفاهيم مصادر الطاقة المتجددة وتطبيقاتها.
9-              تجميع مولدات الرياح ذات قدرات كهربائية مختلفة ( 5، 10 ، 20 كيلو وات).
10-   تجميع أو تصنيع معدات نظم الضخ والتحلية المائية الصغيرة والمتوسطة لأغراض الشرب والري في المناطق النائية.
11-        الاختيار المناسب لكافة المعدات الكهربائية المحققة لشروط كفاءة الطاقة.
12-        تطوير برامج مختصة في الحاسب الآلي تلائم المشروع الاستثماري الذي تم اعتماده.
إنّ معظم الأفكار الاستثمارية السابقة يمكن تسويقها محلياً وإقليمياً وعالمياً. كما يمكن أن تكون جزءاً من المساعدات العينية والخيرية للمناطق الفقيرة والمنكوبة. يوضح المخطط شكلاً رمزياً مبسطاً لكيفية اختيار الاستثمار الملائم في المملكة العربية السعودية. هذا وإن الاختيار المناسب للمشروع والذي سيثبت جدواه سوف يؤدي بالنهاية إلى تطوير موارد جديدة للاقتصاد الوطني إن شاء الله، كما سيؤدي إلى تحسين الصناعات المشابهة التي لها علاقة من حيث المواد الخام والتقنيات المستخدمة.
أمّا الآلية المقترحة لإنجاحِ هذه المشاريع الجديدة فيمكن أن تتضمن الخطوتين الآتيتين:
1-     الخطوة الأولى: تأسيس شركات تجارية تهتم بمتابعة الفرص الاستثمارية التي تم عرضها قبل قليل والتنسيق مع المراكز البحثية والاستشارية لإعداد دراسات الجدوى. ثمّ رسم خطة الدعاية والترويج وجذب الانتباه إلى الفرصة الاستثمارية المطروحة. كما يمكن الاتفاق على إدخال وكالات أجنبية أو عربية من خارج البلاد للاستثمار المشترك، وبالتالي فإنّ القطاعات التي ستستفيدُ من مشاريع الطاقة المتجددة تتمثّل بالكهرباء والمياه والصناعة والإسكان والمرافق العامة والزراعة والأوقاف ومواسم الحج والعمرة ومساندة الدول الإسلامية الفقيرة بدلاً من المساعدات المالية التقليدية.
2-    الخطوة الثانية: بعد الدراسة والتحقق في حجم السوق المحلية والطلب المتوقع على معدات الطاقة المتجددة وترشيد الكهرباء فإنّه يمكن اتخاذ قرار لاحق حول مزايا التصنيع المحلي الكلي أو الجزئي، وأهمية ذلك على الاستثمار الإجمالي. ويمكن أنْ يتبلور ذلك من خلال تأسيس مصانع أساسية وفروع مختلفة في مدن ومناطق المملكة. كما أنّ ذلك سوف ينعكس إيجابياً على خلقِ فرص عمل كبيرة للشباب السعودي لكي تستوعبَ بعض خريجي الجامعات والمعاهد أو الكليات التقنية، خاصةً أنّ الدولة تتابع باهتمامٍ بالغ سياسة السعودة وإحلالِ الكوادر الوطنية في كافة القطاعات الإنتاجية والاستهلاكية.

وأخيراً يمكن القول أنّ نجاح تقنية الطاقة المتجددة باتجاه الترشيد والاستثمار الكهربائي تتوقّف بصورةٍ رئيسةٍ على درجة منافستها وجدواها وقابليتها على التطور والازدهار.










تم بعون الله