Language

تطوير إنتاج وتصنيع وتسويق الألبان لدى صغار المزارعين8


-5 تطور كميات وقيم صادرات الألبان ومنتجاتها :
تمتلك دول عربية عديدة كافة المقومات اللازمة التي تمكنها من إنتاج الألبان وتصديرها. الا انه و على العكس من ذلك فإن العجز الكبير في سد حاجة الاستهلاك من الألبان المحلية لهذه الأقطار وعدم اكتفائها ذاتياً ومواجهتها للعديد من المحددات الإنتاجية والتصنيعية والتسويقية قد جعلها دولا مستوردة للألبان بصفة عامة بدلا من أن تكون مصدرة لها.
وبناء عليه فان الصادرات العربية من الألبان ومنتجاتها ما زالت متواضعة جدا اذا ما قورنت بالامكانات المتوفرة. حيث تشير الإحصاءات الصادرة عن المنظمة العربية للتنمية الزراعية والمبينة في الجدول رقم (12) بان صادرات الالبان العربية تبلغ في المتوسط نحو 488 ألف طن سنويا كمعدل للفترة 1991-2002. كما تشير ذات الإحصاءات بان صادرات الالبان العربية قد ازدادت من نحو 338 ألف طن عام 1991 الى حوالي 532 ألف طن عام 2001.
ومن حيث الدول المصدرة تأتي المملكة العربية السعودية في المرتبة الأولى من حيث كمية الصادرات حيث يبلغ المعدل السنوي لصادراتها من الألبان نحو 150.5 ألف طن تشكل حوالي 31% من إجمالي الصادرات العربية كمتوسط للفترة 1991-2002. يليها في الأهمية الإمارات العربية المتحدة والتي يبلغ متوسط صادراتها السنوية حوالي 123.5 ألف طن تشكل نحو 25% من إجمالي صادرات الألبان العربية. يليهما في الأهمية كل من الأردن والمغرب والتي تشكل صادراتهما في المعدل ما نسبته نحو 11.3% و 9.8% من إجمالي صادرات الألبان العربية على التوالي.

تطور كميات الصادرات العربية من الألبان و منتجاتها حسب الدول من الفترة 1991-2001 

-6 الهيئات والمؤسسات العاملة في مجال الاستيراد من القطاعين العام والخاص:
عادة يتم استيراد الألبان ومنتجاتها لسد العجز في الإنتاج المحلى خاصة الألبان المجففة لسد حاجة المصانع والاستهلاك الأسرى بالإضافة إلى بعض المنتجات اللبنية مثل الجبن والزبدة والسمن. وفي معظم الدول العربية تم إنشاء شركات عامة وخاصة لتقوم بالاستيراد ومن الملاحظ أن الاتجاه العام هو تقليص دور الدولة في الوطن العربي في استيراد هذه السلع وتركه للقطاع الخاص والمشترك. وعادة لا توجد منافسة شديدة في الاستيراد بل يكاد يكون محتكراً على عدد محدود من المستوردين.
ففي السودان وبعد عام 1992 انسحبت الدولة من تجارة استيراد الألبان ومنتجاتها ومعظم الأنشطة الاقتصادية وتركت ذلك للقطاع الخاص وبعض الشركات التي تساهم الدولة فيها مثل منظمة الشهيد وخلافها ويتركز الاستيراد من الألبان المجففة بوجه خاص والقليل من الجبنه والزبدة والسمنه ومؤخرا اصبح هناك اتجاه لاستيراد الحليب المبستر وخاصة من السعودية.
وتلعب شركات القطاع العام دور كبير في استيراد اللبن المجفف والمنتجات اللبنية. وتعتبر الشركة القابضة للصناعات الغذائية وبسكو مصر وشركات جهينة وملكى لاند ودله وديرلاند والمصريين في مقدمة شركات القطاع الخاص المستوردة للألبان المجففة بالإضافة إلى بعض شركات التصنيع الغذائي العاملة في مجال الألبان ومنتجاتها.
وفي سوريا تقوم شركات القطاع المشترك أساساً باستيراد الألبان المجففة وتوفيرها للمصانع والاستهلاك المنزلي. اما في الجزائر يقوم جبيلى – المجمع الذي يضم الدواوين الجهوية باستيراد نحو 45% من كمية الألبان ومنتجاتها المستوردة للبلاد ويقوم القطاع الخاص ممثلاً في المستوردين والصناعيين باستيراد الكمية الباقية (55%).
وفي المغرب تتعدد الجهات والهيئات العاملة في مجال استيراد الالبان وتختص كل هيئة او جهة منها في استيراد منتج معين من منتجات الالبان. حيث تقوم وحدات تصنيع الحليب ، ووحدات تصنيع الجبن ووحدات تصنيع الشوكولاته والبشكيطو باستيراد الحليب المجفف للاستعمال الصناعي في حين تقوم وحدات صناعة الجبن المذاب باستيراد الجبن الصناعي وتقوم الشركات الخاصة المتخصصة بالاستيراد والتسويق باستيراد الزبدة وباقي منتجات الالبان.
3-7 التوقعات المستقبلية لإنتاج واستهلاك الألبان:
عملت حكومات الوطن العربي بانتهاج سياسات وبرامج تهدف إلى زيادة الإنتاج المحلى من الألبان ومنتجاتها لمقابلة الاستهلاك المتزايد وسد العجز والفجوة الغذائية. كما قام القطاع الخاص بتشجيع من الحكومات بدور فعال في تنمية قطاع الألبان. وتتضمن سياسات وبرامج غالبية الدول العربية فيما يختص بتطوير قطاع الألبان بشكل عام ما يلي:

-         استيراد الأبقار الأجنبية عالية الإنتاج.
-         توفير الرعاية الصحية والبيطرية.
-         تشجيع الاستثمار المحلى والوطني.
-         التخصص في إنتاج الألبان ومنتجاتها.
-         تطوير العملية التسويقية والتصنيعية.
-         بعض إجراءات التمويل والدعم.
-         تشجيع البحوث التطبيقية والتعليمية.
-         توفير بعض البنيات الأساسية.

ففي السودان أعدت الدولة استراتيجية قومية ربع قرنية (2002-2027) لتطوير قطاع الألبان ارتكزت على توفير بعض البني التحتية، توفير بعض الرعاية الصحية والبيطرية وخدمات الإرشاد، الاهتمام بالقوى البشرية، تشجيع الاستثمار المحلي والأجنبي.
ومن المتوقع أن يرتفع إنتاج الألبان من نحو 7.1 مليون طن عام 2002 إلى نحو 16224 مليون طن عام 2027 وان تكتفي البلاد ذاتياً من الألبان ومنتجاتها ويصدر نحو 50% من الإنتاج.
وفي مصر يتزايد اهتمام الدولة والقطاعات المتخصصة بقطاع الألبان. ويتوقع أن يرتفع الإنتاج المحلى من الألبان من نحو 3.7 مليون طن عام 2000 إلى نحو 4.7 مليون طن عام 2005. ويتوقع أن يرتفع متوسط الاستهلاك من نحو 4407 ألف طن للفترة 1992-2001 إلى نحو 5796 ألف طن عام 2005. ومن المتوقع زيادة معدلات الاستهلاك بسبب زيادة الوعي الغذائي والسكان.
وفي سوريا بدأت مشاريع تربية الأبقار الحلوب تشكل مصدراً هاماً للدخل مما دفع بالكثيرين للاستثمار في هذا النشاط. اضف اليه ان اهتمام الدولة بإنشاء مشاريع تربية الأبقار والأغنام والاهتمام بالتلقيح والتهجين وفتح الأبواب لاستيراد الأبقار عالية الإنتاجية قد ساعد وسيساعد اكثر في زيادة إنتاج الألبان ومنتجاتها مستقبلاً.
وفي الجزائر لم يشهد الطلب على الألبان ومنتجاتها تطوراً ملحوظاً خلال العشر سنوات الماضية بل تراجع في بعض السنوات ولا توجد تقارير توضح توقعات وإحصاءات الإنتاج والاستهلاك المستقبلية.

3-8 مشاكل ومحددات التجارة الخارجية والبينية للألبان ومنتجاتها:
تنحصر التجارة الخارجية الخاصة بالألبان ومنتجاتها للوطن العربي في عمليات الاستيراد وجود بعض العمليات التصديرية لبعض المنتجات اللبنية، وتكاد مشاكل ومحددات التجارة الخارجية والبينية ان تكون متشابهة بين دول الوطن العربي. وفيما يلي ملخصا لأهم هذه المحددات في الدول المنتجة الرئيسية للألبان في الوطن العربي.
ففي السودان تشكل قيمة منتجات الألبان المستوردة عبئاً ثقيلاً على العملات الحرة ونسبة مقدرة من جملة الواردات الغذائية (نحو 34%). وكان من الممكن أن يكون السودان مصدراً للألبان ومنتجاتها لولا بعض المحددات والمشاكل المتعلقة بالتجارة ومن اهمها عدم ايلاء الاهتمام الكافي بالقطاع مما حد من تكوين المشاريع التصديرية والمصدرين و عدم كفاية الإنتاج والذي حتى وإن توفر فائض للتصدير فلا توجد الإمكانات والتسهيلات المساعدة للتصدير من امكانات وطاقات تصنيعية ووسائل نقل وتبريد وحفظ تمكن الألبان السودانية من المنافسة خارجياً كما ونوعا.
وفي مصر تعاني المنتجات اللبنية المحلية من الافتقار للمواصفات القياسية والجودة والشروط الصحية وقلة كفاءة العملية التسويقية الامر الذي يجعل من عمليات التصدير للخارج والمنافسة في التجارة الخارجية أمراً صعباً. إضافة الى ذلك يوجد في مصر كثير من القوانين والتشريعات التي تعيق عمليات التجارة الخارجية للألبان ومنتجاتها (استيراد وتصدير). كما ان ارتفاع تكاليف إنتاج الألبان يحد من امكانات المنافسة في التجارة الخارجية. واخيرا فأن تحكم القطاع الخاص في مجال الألبان وقلة خبرته وتجاربه في التجارة الخارجية تحد من فرص ازدهار التجارة الخارجية في هذا المجال.
وفي سوريا تنحصر أهم محددات ومشاكل التجارة الخارجية والبينية في الألبان ومنتجاتها في الأتي:
- افتقار المنتجات المحلية لمواصفات الجودة وللشروط الصحية ولذا تصعب منافستها في التجارة الخارجية.
- اتباع طرق مناوله وتصنيع وتعبئة قديمة لا تسمح بتخزين المنتجات اللبنية لفترة طويلة مما يجعل تصدريها إلى الأسواق الخارجية أمراً صعباً.
- عدم وجود برامج دعاية ووسائل تسويق خارجية وغياب التنسيق الفعلي بين غرف التجارة العربية لتبادل المعلومات قد قلل من إمكانيات ازدهار التجارة البينية.
- ضعف خبرة المصنعين ببرامج الجودة المستخدمة في الأسواق الخارجية تعيق عمليات التجارة الخارجية.
- وجود بعض القوانين التي تعيق عمليات استيراد وتصدير الألبان.
في الجزائر لا تختلف محددات التجارة الخارجية عن أقطار الوطن العربي الأخرى وأهمها تدنى الإنتاجية وعدم وجود الفائض للتصدير وتدنى الجودة وقلة كفاءة عمليات التسويق.
وفي المغرب يمكن تلخيص أهم محددات ومشاكل التجارة الخارجية والبينية في الألبان ومنتجاتها في الأتي:
- وجود حواجز إدارية وجمركية بين الدول العربية مما يحول دون انسياب المواد الحليبية العربية عبر الحدود العربية.
- غياب تبادل المعطيات بين الدول العربية في ما يتعلق بوفرة، طلب، استيراد المواد الحليبية مثل دول الاتحاد الأوروبي و الولايات المتحدة.
- غياب معطيات حول فرص الاستثمار بالدول العربية وخاصة في المجال الزراعي.
- غياب الدعم التصديري لمنتجات الألبان على غرار ما يلاحظ على مستوى الدول الأجنبية.
- ارتفاع تكاليف التصنيع مما يضعف القوة التنافسية في وجه المنتجات الأجنبية.

الباب الرابع 
التجارب الوطنية في مجال تطوير إنتاج وتسويق الألبان
4-1 التجارب القطرية في مجال إنتاج وتسويق الألبان:
        نسبة لزيادة الطلب على الألبان ومنتجاتها في الوطن العربي وزيادة الوعي الغذائي لأهمية الألبان فقد اهتمت غالبية الدول العربية بقطاع الألبان وقامت بتشجيع القطاع الخاص على إنشاء  مشاريع الألبان. وقد تباينت نوعية هذه المشاريع وتجارب هذه الدول لتنمية إنتاج وتسويق الألبان. وكما هو متوقع فإن بعض هذه التجارب نال حظاً وافراً من النجاح وبعضها قد تعثر. وعليه فأن معرفة هذه التجارب يصبح ضرورياً ومفيداً للدول العربية حتى تستطيع أن تتعرف على أسباب نجاح وإخفاق هذه التجارب من بلد لآخر وتستفيد منها في برامجها المستقبلية لتنمية هذا القطاع.
        ففي السودان تزايد الاهتمام بقطاع الألبان منذ أمد بعيد إذ تم إنشاء أول مزرعة لإنتاج الألبان عام 1908 لاستهلاك كبار موظفي الدولة. وقد وجد مجال الإنتاج اهتماماً أكثر من التسويق. وقد قامت الكثير من المشاريع والتجارب في مجال الألبان بعضها كان ناجحاً يحتذي به والبعض لازمه الفشل. تجارب ونجاحات مشروع النيل الأزرق للألبان تعتبر مثالاً جيداً للنجاح يستفاد منه قطريا وإقليمياً ويؤكد إمكانية القطاع الخاص في الاستفادة من الخبرات والتقنية الحديثة والتجارب السابقة في إنجاح مشاريع الألبان. أما التجارب التي لم يحالفها النجاح فتتمثل في عدة مشاريع أكثرها أنشأتها الدولة مثل مشروع ألبان الأبيض ومشروع ألبان بابنوسة. وقد تداركت الحكومة عدم مقدرتها على إنجاح مشاريع الألبان وانسحبت من هذا المجال لاحقاً لصالح القطاع الخاص. التجارب الفاشلة كان أهم أسبابها إن إنشاء هذه المشاريع قد تم دون التأكد من وجود الألبان الخام والمياه قبل تشغيلها و سوء التخطيط وعدم توفر الخبرات الكافية وعدم كفاءة القطاع العام في إدارة مشاريع الألبان.
        في مصر أدركت الدولة مبكرا الدور الكبير الذي يمكن أن يقوم به القطاع الخاص في إنتاج وتسويق الألبان ومنتجاتها فقامت بخصخصة المؤسسات والشركات العامة لهذا القطاع وشجعت القطاع التقليدي. وقد نفذت الدولة عدة برامج ومشاريع لمساعدة القطاع التقليدي والمنتج الصغير واستفادت من المعونات العينية الأجنبية لتنمية هذا القطاع. كما ساعدت في خفض تكاليف الإنتاج والتسويق واستعمال المواد المحلية الخام في تصنيع الأغذية الحيوانية مثل المولاس. وقد يسرت الدولة بعض التمويل والائتمان للمنتج الصغير. اهتمام الدولة الكبير بهذا القطاع وبصغار المنتجين جعلت إنتاج الألبان ينمو سعياً لمواكبة النمو السكاني والطلب المتزايد على هذه المنتجات. يستفاد من هذه التجارب أن الدولة يمكن أن تلعب دوراً كبيراً في تنمية قطاع الألبان عن طريق تشجيع ودعم القطاع الخاص دون أن تتدخل هي مباشرة في عمليات الإنتاج والتسويق إذ أن القطاع الخاص أجدر بذلك خاصة إذا وجد الدعم الحكومي ضمن الحدود المسموحة في الاتفاقيات الدولية.

        وفي سوريا انحصرت التجارب القطرية الهامة في القطاع العام الذي ضم المؤسسة العامة للمياقر والتي تمتلك عدة مزارع كبيرة لتربية الأبقار بالوسائل والتقنية الحديثة. كما قامت الدولة بإنشاء مصانع الألبان معتمدة على المزارع الكبيرة. هذه المشاريع والتجارب للقطاع العام لم تحقق الهدف المنشود. وقد ساعد صدور القوانين المشجعة للاستثمار في تحفيز وتنشيط القطاع الخاص إذ ظهرت وقامت عدة شركات خاصة بعد ذلك يمكن أن يمثل نجاحها النموذج الجيد لتنمية قطاع الألبان. وتعد شركة رأس أخوان للصناعات الغذائية مثالاً جيداً للنجاح يمكن الاستفادة منه. وقد التزمت هذه الشركة بالمواصفات القياسية الجيدة وسمح لها بتصدير بعض إنتاجها. شركات القطاع العام شاركت كثيراً في حل جزء من مشاكل الإنتاج والتسويق للألبان بشكل علمي ولكن إنتاجها تنقصه الجودة وأرباحها تكاد تكون معدومة نتيجة لزيادة الهدر وكبر عدد العاملين والفنيين من جهة وانخفاض الكفاءة الإدارية من جهة أخرى. القطاع المشترك قد كان أحسن حالاً نسبياً من القطاع العام ولكنه يعانى أيضاً من عدة مشاكل من أهمها انخفاض نسبة الأرباح.
        الدرس المستفاد مما سبق أن التجارب قد برهنت على نجاح القطاع الخاص في إنتاج وتصنيع وتسويق الألبان أكثر من القطاعين العام والمشترك وهذا أيضا يبرر ضرورة أن تبتعد الدولة بقدر المستطاع من الدخول المباشر في هذا النشاط وحصر دورها في دعم القطاع الخاص في المجالات المختلفة لإنتاج وتسويق الألبان ومنتجاتها.

        في الجزائر تساهم الدولة بقدر كبير في تطوير قطاع الألبان بدعم المزارعين وذلك من خلال منح القروض ودعم وحدات الإنتاج الصغيرة الخاصة في بسترة الألبان لصغار المزارعين والآلات الخاصة بالألبان مثل الحلابة والصهاريج. وتساهم الدولة أيضاً في مزارع الأعلاف الخضراء بنحو 30%-50% من تكلفة الاستثمار كما تدعم مشروع التلقيح الصناعي بنسبة 100%.
        يستفاد من التجارب هنا أنه لابد من أن تقوم الدولة بدعم المزارع الصغير وفي الحدود المسموحة في الاتفاقيات الدولية وخاصة اتفاقية منظمة التجارة الدولية سواء بتحمل جزءاً من تكاليف الإنتاج وخاصة في مجال البحث والتطوير وتسهيل القروض له وضمان حصوله المزارعين على حد أدنى من الأسعار.
وفي المغرب يعتبر تطوير قطاع إنتاج الحليب من بين الأهداف الأساسية المحددة في إطار سياسية التنمية الفلاحية للدولة، والتي ترمي من بين توجهاتها إلى زيادة مساهمة هذا القطاع في ضمان الأمن الغذائي وتحسين دخول المنتجين. وقد ارتكز المخطط الوطني للحليب في المغرب والذي بدء العمل به في العام 1975 على المحاور التالية:
1- تحسين مستوى القدرات الإنتاجية للقطيع عبر:
*        التلقيح الاصطناعي وتهجين القطيع المحلي
*        تحسين ظروف تغذية الماشية
*        تكثيف التأطير الصحي
2-  إنشاء شبكة مراكز جمع الحليب من طرف الدولة
3-  تحفيز المعامل لتصنيع الحليب
4-  تأمين سعر مربح أدنى عند الإنتاج و اتخاذ تدابير تحفيزية لتكثيف الإنتاج.
5-  تخصيص منح لاقتناء الأبقار من الصنف المد.
ومند بداية الثمانينات وفي إطار التقويم الهيكلي للاقتصادي الوطني بدعم من البنك الدولي أعطيت انطلاقة تغيرات مهمة على صعيد منظومات الإنتاج الحيواني تميزت بتراجع تدخلات الدولة و فتح المجال للقطاع الخاص.
وللتمكن من الاندماج في النظام الاقتصادي الحر تم القيام بعدة إصلاحات تقويمية في الميدان ألفلاحي وفي قطاع الإنتاج الحيواني على وجه الخصوص،وذلك ، لتشجيع القطاع الخاص وخلق جو تنافسي بغيت تحسين مردودية القطاع. وتتجلى هذه الإصلاحات فيما يلي:
-         خصصت الطب البيطري     
-   تفويت بعض الخدمات إلى المنظمات المهنية ( تحسين النسل و أنشئت بذلك الجمعية الوطنية لمربي الأبقار بدعم من الدولة.
-         تحرير اسعار الحليب و دعم تحرير اسعار الحليب.
-         دعم إنتاج الطلوقات المؤصلة والفحول وتخصيص منح  (1988).
-         تحرير التجارة الخارجية.
-         دعم انشاء تعاونيات جمع الحليب وتجهيزها عن طريق المنح (بدل تحمل الدولة المجمل العملية).
ومن أهم الدروس و العبر المستفادة من التجارب المغربية الناجحة ما يلي:
-   أدى تحرير الأسعار إلى خلق منافسة حره ونزيهة بين وحدات التصنيع في جلب العدد الأكبر من المنتجين و المستهلكين وإلى تحرير السوق وتحسين الجودة.
-         أظهر تفويت عملية التلقيح الاصطناعي إلى القطاع المهني تحسنا ملحوظا في الخدمات بالنسبة لما كان عليه .
-   مكن تخصيص منح لإنتاج الطلوقات المؤصلة من توفير عدد لا يستهان به من الأبقار المؤصلة والمنتجة محليا ومن إدخال تقنيات التربية الحديثة                                                                                                                        على مستوى الضيعات مما رفع من نسبة التحسين الوراثي.
-   كان لدعم تجهيز مراكز جمع الحليب عن طريق المنح وقع إيجابي أفضل من الذي كان عليه لما كانت الدولة تقوم بهذه العملية على نفقتها.
-   دفعت المنح المخصصة لتجفيف الفائض من الحليب وحدات التصنيع إلى الاستثمار في التجهيزات الضرورية للتجفيف ومن جهة أخرى مكنت هذه المنح من تثمين الفائض من الألبان سيما في فترة ارتفاع الإنتاج، وقد مكن هذا الوضع  من:
*        تغطية 60% من احتياجات البلاد من الزبدة.
*        تغطية 55% من احتياجات البلاد من مسحوق الحليب زيادة على تنويع المشتقات الحلبية.


الباب الخامس

آفاق ومبررات تطوير قطاع الألبان في الوطن العربي

5-1 مبررات التطوير:
        يتوفر بالوطن العربي أعداد ضخمة من الأبقار والأغنام والماعز والجمال، إلا انه وعلى الرغم من ضخامة أعداد الثروة الحيوانية في الوطن العربي فان الإحصاءات تشير إلى أن الألبان ومنتجاتها تحتل مراتب متقدمة في قائمة السلع الزراعية الغذائية التي يستوردها الوطن العربي، حيث يبلغ المتوسط السنوي لقيمة الواردات العربية من الألبان ومنتجاتها نحو 2.2 مليار دولار سنويا كمعدل للفترة 1991-2001. ويعود ذلك كما أشارت الدراسة إلى أن قطاع الألبان في الوطن العربي يعاني من العديد من المشاكل الإنتاجية والتسويقية والتصنيعية وخاصة لدى صغار المنتجين، والتي من أهمها انخفاض معدلات الإنتاج وتخلف قطاع التصنيع والنظم التسويقية و ارتفاع نسب الفقد والتالف، واعتماد إنتاج الألبان على القطاع التقليدي. وبناء على ما سبق ونظرا لكون الألبان ومنتجاتها تعتبر من مصادر الغذاء الرئيسية لإفراد المجتمع نظرا لما تحويه من مكونات غذائية أساسية يحتاجها الجسم في بناءه من بروتين ودهون وسكريات ومعادن وفيتامينات، فان تطوير هذا القطاع يعتبر من الأمور الهامة جدا في تحقيق الأمن الغذائي العربي وتقليل الفجوة الغذائية من هذه السلعة الهامة.
وعليه فقد تم تضمين هذا الباب بافاق ومبررات تطوير القطاع في الوطن العربي بشكل عام وفي كل دولة من الدول العربية المنتجة للالبان بشكل خاص. وفيما يلي ملخصا لأهم المبررات وأفاق التطوير في الدول العربية المنتجة الرئيسية للالبان:
ا) السودان:
في السودان توجد الكثير من المبررات الداعية لتطوير قطاع الألبان أهمها:
*        وجود الثروة الحيوانية الضخمة والمراعى الشاسعة والعنصر البشرى المناسب.
*   تطور قطاع الألبان سيزيد من دخل المنتج التقليدي مما سيسهم في رفع مستوى دخول هذه الشريحة الهامة من السكان وفي تحقيق الأمن الاجتماعي.
*   تطوير القطاع سيساعد في الاستفادة من طاقات العديد من مصانع الألبان المعطلة والتي سبق وان صرفت أموال كبير على إنشائها.
*   تطوير هذا القطاع سيوفر العملات الحرة التي تنفق على استيراد الألبان المجففة ومنتجات الألبان ويزيد من مستوى الاكتفاء الذاتي منها ويرفع المستوى الغذائي للفرد.
*   تطوير هذا القطاع سيساعد في توفير الأمن الغذائي في الوطن العربي إذ أن السودان بإمكانياته الضخمة يمكن أن يلعب دوراً كبيراً في هذا المجال.
ب) مصر:
        في مصر أيضاً هنالك الكثير من المبررات لتطوير قطاع الألبان أهمها:
*   تطوير قطاع الألبان يعنى الاهتمام بشريحة كبيرة من المواطنين. كما سيحسن نوعية المنتج التي تفيد في زيادة دخل المنتجين ويفيد المستهلكين أيضاً.
*   تطوير هذا القطاع سيزيد من إمكانية تصدير بعض المنتجات اللبنية والمنافسة في الأسواق الخارجية مما سيسهم في توفير العملات الصعبة .
*   تطوير هذا القطاع سيمكنه من مواكبة الزيادة المطردة في الطلب نتيجة لزيادة السكان ، إضافة إلى إسهامه في توفير الأمن الغذائي لهم.
*        تطوير هذا القطاع سيشجع على جلب استثمارات خارجية.

ج) سوريا:
من أهم مبررات تطوير قطاع الألبان في سوريا ما يلي:
*   الشريحة السكانية التي ستستفيد من تطوير هذا القطاع شريحة هامة وكبيرة خاصة أن جزءاً كبيراً منها يعتمد اعتماداً كلياً على هذا القطاع كمربي الأغنام وصغار المنتجين وورش التصنيع.
*   ضرورة مواكبة التطورات الحاصلة في قطاع الالبان في الدول المجاورة، خاصة وأن كافة مقومات التطوير متوفرة من بني تحتية  وموارد حيوانية وبشرية وطبيعية.
د) الجزائر:
        من أهم مبررات تطوير قطاع الألبان في سوريا ما يلي:
*        كبر حجم الأسر المعتمدة في معيشتها على الألبان والبالغ نحو 1.3 مليون نسمة.
*   ان تطوير القطاع سيسهم تحسين مستوى معيشة شريحة كبيرة من سكان الريف مما سيسهم في دفع عجلة التنمية الاقتصادية للبلد اضافة الى اسهامه في توفير الأمن الغذائي.
*        أن تطوير القطاع وحل العراقيل الأساسية التي تجابه أعماله سيسهم في تقليل الهدر والفاقد خاصة لدى صغار المنتجين. كما أن ذلك سيساعد في ازدهار مصانع الألبان.
ه) المغرب:
من أهم مبررات تطوير قطاع الألبان في المغرب ما يلي:
*     تدنى مستوى البروتينات الحيوانية في الحصيلة الغذائية اليومية للفرد المغربي.
*  الميزة النسبية التي يتمتع بها المغرب في إنتاج الألبان ستمكنه من مجابهة  التحديات التي تفرضها التغيرات الدولية الحالية إذا ما تمكن من إزالة المعوقات و القيود التي تحد من معدلات نمو الإنتاج.
*  الارتفاع المتزايد لتكاليف استيراد الألبان ومشتقاتها والحاجة إلى تحقيق قدر أدنى من الأمن الغذائي من هذه السلعة الهامة.
*     تحسن و تطور مفاهيم التنمية وأساليب الإنتاج وبنيات أسواق الاستهلاك.
*     توفر البني التحتية القادرة على استيعاب وتصنيع التطور المنشود في حجم الإنتاج .
و) السعودية:
من أهم مبررات تطوير قطاع الألبان في السعودية ما يلي:
-   الأهمية الكبيرة لقطاع الألبان في توفير منتجات غذائية طازجة للمستهلك ، وبما يساهم به في إجمالي الناتج المحلي الزراعي.
-         الإسهام المباشر لقطاع الألبان في تقليل الواردات .

5-2 مقترحات تطوير الإنتاج:
        النظرة الشمولية لقطاع الألبان في الوطن العربي توضح تشابه مشاكل الإنتاج في الأقطار العربية مع تنوعها ويمكن القول بأن أهم هذه المشاكل تكمن في ضعف الإنتاجية والقدرات الوراثية للحيوان، قلة وعي المنتجين،ضعف التمويل والتدريب والإرشاد والدعم ، تدنى نوعية المنتجات اللبنية وصغر الحيازات وتدهور المراعى الطبيعية. وعليه فإن معظم مقترحات تطوير إنتاج الألبان في الوطن العربي تنصب في كيفية التغلب على هذه المشاكل ضمن الخصوصيات التي يتمتع بها كل قطر من الأقطار العربية. وفيما يلي ملخصا لأهم مقترحات تطوير قطاع الألبان في الدول العربية المنتجة الرئيسية :

أ) السودان:
*   تحسين القدرات الوراثية بتنشيط وتطوير مراكز ووحدات التلقيح الاصطناعي لتحسين النسل ووضع خريطة تناسلية واضحة المعالم تراعى الظروف البيئية وتباينها في درجة الرعاية.
*        الاهتمام بالمحاصيل العلفية والتوسع في برامج إدخال الحيوان في الدورة الزراعية.
*        الاهتمام بالمراعى الطبيعية كماً ونوعاً.
*   الاهتمام بالمنتجين وخاصة صغار الحجم من خلال الوحدات التدريبية والإرشادية ونقل التقانة وتوفير الرعاية الصحية والبيطرية.
*        إنشاء مزارع نموذجية وربطها بمراكز البحوث.
*        تشجيع وحث مؤسسات التمويل لتوفير التمويل الميسر خاصة لصغار المنتجين.
*        توفير المناخ الاستثماري وتشجيعه.

ب) مصر:
في مصر تتضمن مقترحات تطوير إنتاج الألبان الهامة في الآتي:
*   تحسين الصفات الوراثية لقطيع الألبان وإحلال كامل للأبقار المهجنة محل المحلية من خلال برنامج متكامل للتحسين الوراثي بهدف بصفة خاصة إلى زيادة إنتاجية الجاموس.
*   رفع الإنتاجية لمحاصيل العلف خاصة البرسيم والذرة الرفيعة وتشجيع قيام مزارع الألبان المتخصصة في الأراضي حديثة الإصلاح تكون مساحاتها واسعة والتوسع في زراعة الأعلاف الخضراء مثل السيلاج وتشجيع زراعة الذرة الرفيعة والصفراء.
*        توفير الرعاية الصحية والبيطرية للحيوانات.
*        تخفيض الفائدة على القروض المخصصة لمشاريع الألبان.
*   تشجيع نشاط الصندوق الاجتماعي في مجال فروض الحلابة وإزالة المعوقات لتشجيع الخريجين لإقامة مشاريع الألبان.

ج) سوريا:
في سوريا تتضمن أهم مقترحات تطوير الإنتاج الآتي:
*   تشجيع تربية الأبقار في مزارع مستقلة والابتعاد عن أسلوب التربية الهامشية لهذه الحيوانات والاستمرار في تحسين قدراتها الإنتاجية.
*   تطوير المناطق الرعوية كالبادية ومناطق الرعي الجبلية عن طريق استصلاح الأراضي القابلة للاستصلاح وزراعة النباتات الملائمة للظروف البيئية والمناخية.
تشجيع المربى لاستعمال الحلابة الآلية


الصفحة السابقة
الصفحة التالية